فصل: (412) سئل فضيلة الشيخ: عما يقوله بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


‏(‏407‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ يدعي بعض الناس، أن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بدينهم‏.‏ وشبهتهم في ذلك، أن الغرب لما تخلوا عن جميع الديانات وتحرروا منها، وصلوا إلى ما وصلوا إليه من التقدم الحضاري، وربما أيدوا شبهتهم بما عند الغرب من الأمطار الكثيرة والزروع فما رأي فضيلتكم‏؟‏‏.‏

فأجاب بقوله‏:‏ هذا الكلام لا يصدر إلا من ضعيف الإيمان، أو مفقود الإيمان، جاهل بالتاريخ، غير عالم بأسباب النصر، فالأمة الإسلامية لما كانت متمسكة بدينها في صدر الإسلام كان لها العزة والتمكين، والقوة، والسيطرة في جميع نواحي الحياة، بل إن بعض الناس يقول‏:‏ إن الغرب لم يستفيدوا ما استفادوه من العلوم إلا ما نقلوه عن المسلمين في صدر الإسلام، ولكن الأمة الإسلامية تخلفت كثيرًا عن دينها، وابتدعت في دين الله ما ليس منه، عقيدة، وقولًا، وفعلًا، وحصل بذلك التأخر الكبير، والتخلف الكبير، ونحن نعلم علم اليقين ونشهد الله - عز وجل - إننا لو رجعنا إلى ما كان عليه أسلافنا في ديننا، لكانت لنا العزة، والكرامة، والظهور على جميع الناس‏.‏ ولهذا لما حدث ‏"‏أبوسفيان‏"‏ ‏"‏هرقل‏"‏ ملك الروم ـ والروم في ذلك الوقت تعتبر دولة عظمى - بما عليه الرسول، عليه الصلاة والسلام، وأصحابه؛ قال‏:‏ ‏"‏إن كان ما تقول حقًّا فسيملك ما تحت قدمي هاتين‏"‏‏.‏ ولما خرج أبوسفيان وأصحابه من عند ‏"‏هرقل‏"‏، قال‏:‏ ‏"‏لقد أمِرَ أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر‏"‏‏.‏

وأما ما حصل في الدول الغربية الكافرة الملحدة من التقدم في الصناعات وغيرها، فإن ديننا لا يمنع منه، لو أننا التفتنا إليه، لكن مع الأسف ضيعنا هذا وهذا، ضيعنا ديننا، وضيعنا دنيانا، وإلا فإن الدين الإسلامي لا يعارض هذا التقدم، بل قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 60‏]‏ ‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 15‏]‏ ‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 29‏]‏ ‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 4‏]‏ ‏.‏ إلى غير ذلك من الآيات التي تعلن إعلانًا ظاهرًا للإنسان أن يكتسب ويعمل وينتفع، لكن لا على حساب الدين، فهذه الأمم الكافرة هي كافرة من الأصل، دينها الذي كانت تدعيه دين باطل، فهو وإلحادها على حد سواء،لا فرق‏.‏ فالله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول‏:‏ ‏{‏وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 85‏]‏ ‏.‏ وإن كان أهل الكتاب من اليهود والنصارى لهم بعض المزايا التي يخالفون غيرهم فيها، لكن بالنسبة للآخرة هم وغيرهم سواء، ولهذا أقسم النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه لا يسمع به من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يتبع ما جاء به، إلا كان من أصحاب النار، فهم من الأصل كافرون، سواء انتسبوا إلى اليهودية، أو النصرانية، أم لم ينتسبوا إليها‏.‏

وأما ما يحصل لهم من الأمطار وغيرها فهم يصابون بهذا ابتلاء من الله تعالى وامتحانًا، وتعجل لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، كما قال النبي، عليه الصلاة والسلام، لعمر بن الخطاب، وقد رآه قد أثر في جنبه حصير، فبكى عمر‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله فارس والروم يعيشون فيما يعيشون فيه من النعيم، وأنت على هذه الحال‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏يا عمر هؤلاء قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة‏)‏‏.‏ ثم إنهم يأتيهم من القحط، والبلايا، والزلازل، والعواصف المدمرة ما هو معلوم، وينشر دائمًا في الإذاعات، وفي الصحف، وفي غيرها، ولكن من وقع السؤال عنه أعمى، أعمى الله بصيرته فلم يعرف الواقع، ولم يعرف حقيقة الأمر، ونصيحتي له أن يتوب إلى الله - عز وجل - عن هذه التصورات قبل أن يفاجئه الموت، وأن يرجع إلى ربه، وأن يعلم أنه لا عزة لنا، ولا كرامة، ولا ظهور، ولا سيادة إلا إذا رجعنا إلى دين الإسلام، رجوعًا حقيقيًا يصدقه القول والفعل، وأن يعلم أن ما عليه هؤلاء الكفار باطل ليس بحق، وأن مأواهم النار، كما أخبر الله بذلك في كتابه، وعلى لسان رسوله، صلى الله عليه سلم، وأن هذا الإمداد الذي أمدهم الله به من النعم ما هو إلا ابتلاء وامتحان وتعجيل طيبات، حتى إذا هلكوا وفارقوا هذا النعيم إلى الجحيم ازدادت عليه الحسرة والألم والحزن، وهذا من حكمة الله - عز وجل - بتنعيم هؤلاء، على أنهم كما قلت لم يسلموا من الكوارث التي تصيبهم من الزلازل، والقحط، والعواصف، والفيضانات وغيرها، فأسأل الله لهذا السائل الهداية والتوفيق، وأن يرده إلى الحق وأن يبصرنا جميعًا في ديننا إنه جواد كريم‏.‏

‏(‏408‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل يمكن أن يصل المسلم في هذا العصر إلى ماوصل إليه الصحابة من الالتزام بدين الله‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ أما الوصول إلى مرتبة الصحابة فهذا غير ممكن، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏(‏خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم‏)‏‏.‏

وأما إصلاح الأمة الإسلامية حتى تنتقل عن هذا الوضع الذي هي عليه، فهذا ممكن، والله على كل شيء قدير، وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ ‏(‏لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك‏)‏‏.‏ ولا ريب أن الأمة الإسلامية في الوضع الحالي في وضع مزر، بعيدة عما يريده الله منها من الإجماع على دين الله والقوة في دين الله، لأن الله يقول‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 52‏]‏ ‏.‏

‏(‏409‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل يعتبر الشيعة في حكم الكُفَّار‏؟‏ وهل ندعوالله تعالى أن ينصر الكفار عليهم‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر، وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر، فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحدًا حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره‏.‏

وإذا كان من المعلوم أنه لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يوجب مالم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة، فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما في السنة‏.‏

ولا بد في التكفير من شروط أربعة‏:‏

الأول‏:‏ ثبوت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة‏.‏

الثاني‏:‏ ثبوت قيامه بالمكلف‏.‏

الثالث‏:‏ بلوغ الحجة‏.‏

الرابع‏:‏ انتفاء مانع التكفير في حقه‏.‏

فإذا لم يثبت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بلا علم وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 33‏]‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 36‏]‏ ‏.‏

وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 36‏]‏ ‏.‏ الآية ولأنه يؤدي إلى استحلال دم المعصوم بلا حق‏.‏

وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏(‏أيما امرئ قال لأخيه‏:‏ يا كافر فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه‏)‏، هذا لفظ مسلم‏.‏ وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول‏:‏ ‏(‏لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك‏)‏‏.‏ أخرجه البخاري ولمسلم معناه‏.‏

وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 19‏]‏ ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 59‏]‏ ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ـ إلى قوله ـ ‏:‏ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 163‏:‏ 165‏]‏ ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 15‏]‏ ‏.‏

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏(‏والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ـ يعني أمة الدعوة ـ يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار‏)‏‏.‏

لكن إن كان مَن لم تبلغه الحجة لا يدين بدين الإسلام، فإنه لا يعامل في الدنيا معاملة المسلم، وأما في الآخرة فأصح الأقوال فيه أن أمره إلى الله تعالى‏.‏

وإذا تمت هذه الشروط الثلاثة أعني ثبوت أن هذا القول، أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، وأنه قام بالمكلف، وأن المكلف قد بلغته الحجة ولكن وجد مانع التكفير في حقه فإنه لا يكفر لوجود المانع‏.‏

فمن موانع التكفير‏:‏

الإكراه فإذا أُكره على الكفر فكفر وكان قلبه مطمئنًا بالإيمان لم يحكم بكفره، لوجود المانع وهو الإكراه قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 106‏]‏ ‏.‏

ومن موانع التكفير‏:‏

أن يغلق على المرء قصده فلا يدري ما يقول لشدة فرح، أو حزن، أو خوف، أو غير ذلك لقوله تعالى‏:‏

{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 5‏]‏ ‏.‏

وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال‏:‏ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ خطامها ثم قال من شدة الفرح ‏:‏ اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح‏)‏‏.‏

فهذا الرجل أخطأ من شدة الفرح خطأ يخرج به عن الإسلام لكن منع من خروجه منه أنه أغلق عليه قصده فلم يدر مايقول من شدة الفرح، فقد قصد الثناء على ربه لكنه من شدة الفرح أتى بكلمة لو قصدها لكفر‏.‏

فالواجب الحذر من إطلاق الكفر على طائفة أو شخص معين حتى يعلم تحقق شروط التكفير في حقه وانتفاء موانعه‏.‏

إذا تبين ذلك فإن الشيعة فرق شتى ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم اثنتان وعشرون فرقة، وعلى هذا يختلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة، فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى الضلال أقرب‏.‏

ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ تشيعًا مفرطًا في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من آثمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطًا ولا سيما الخليفتان أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ‏.‏ فقد قالوا فيهما شيئًا لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 3/356 من مجموع ابن قاسم‏:‏

‏"‏وأصل قول الرافضة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نص على علي ـ يعني في الخلافة ـ نصًا قاطعًا للعذر، وأنه إمام معصوم، ومن خالفه كفر، وأن المهاجرين والأنصار كتموا النص، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم، وبدلوا الدين، وغيروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفروا إلا نفرًا قليلًا إما بضعة عشرة، أو أكثر، ثم يقولون إن أبا بكر وعمر ونحوهما مازالوا منافقين، وقد يقولون ‏:‏ بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفارًا ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم ‏"‏‏.‏ ا ‏.‏ هـ ‏.‏ وانظر قوله فيهم أيضًا في المجموع المذكور4/428ـ 429‏.‏

وقال في كتابه القيم‏:‏ ‏(‏اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم‏)‏ ص951 تحقيق الدكتور ناصر العقل‏:‏

‏"‏والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركًا فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم، ولا أبعد عن التوحيد منهم، حتى إنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها من الجماعات والجمعات ويعمرون المشاهد التي على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها‏"‏‏.‏ ا‏.‏هـ‏.‏

وانظر ما كتبه محب الدين الخطيب في رسالته ‏"‏الخطوط العريضة‏"‏ فقد نقل عن كتاب ‏"‏مفاتيح الجنان‏"‏ من دعائهم ما نصه‏:‏ ‏(‏اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وابنتيهما‏)‏ قال‏:‏ ويعنون بهما وبالجبت والطاغوت أبا بكر وعمر، ويريدون بابنتيهما أم المؤمنين عائشة، وأم المؤمنين حفصة رضي الله عن الجميع‏.‏

ومن قرأ التاريخ علم أن للرافضة يدًا في سقوط بغداد وانتهاء الخلافة الإسلامية فيها حيث سهلوا للتتار دخولها وقتل التتار من العامة والعلماء أممًا كثيرة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب‏:‏ ‏"‏منهاج السنة‏"‏ أنهم هم الذين سعوا في مجيء التتر إلى بغداد دار الخلافة حتى قتل الكفار ـ يعني التتر ـ من المسلمين ما لا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمائة ألف ونيفًا وسبعين ألفًا وقتلوا الخليفة العباسي وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين‏.‏ ا‏.‏هـ‏.‏ 4/592‏.‏ تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم‏.‏

ومن عقيدة الرافضة‏:‏ ‏"‏التقية‏"‏ وهي أن يظهر خلاف ما يبطن ولا شك أن هذا نوع من النفاق يغتر به من يغتر من الناس‏.‏

والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يقرأ بها في صلاة الجمعة، لإعلان أحوال المنافقين والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره وقال فيها عن المنافقين‏:‏ ‏{‏هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ 4‏]‏ ‏.‏

وأما قول السائل‏:‏ هل يدعو المسلم الله أن ينصر الكفار عليهم‏؟‏

فجوابه‏:‏ أن الأولى والأجدر بالمؤمن أن يدعو الله تعالى أن يخذل الكافرين وينصر المؤمنين الصادقين الذين يقولون بقلوبهم وألسنتهم ما ذكر الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 10‏]‏ ‏.‏ ويتولون أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معترفين لكل واحد بفضله، منزلين كل واحد منزلته من غير إفراط ولا تفريط، نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المؤمنين على الحق وأن ينصرهم على من سواهم‏.‏

‏(‏410‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ يكره بعض الناس اسم ‏"‏علي‏"‏ و‏"‏الحسين‏"‏ ونحوه وينفر منها، وذلك لتعظيم الرافضة لتلك الأسماء فما جوابكم حفظكم الله تعالى‏؟‏‏.‏

فأجاب بقوله‏:‏ جوابي على هذا أن البدعة لا تقابل ببدعة، فإذا كان طائفة من أهل البدع يغلون في مثل هذه الأسماء، ويتبركون بها، فلا يجوز أن نقابلهم ببدعة فننفر من هذه الأسماء ونكرهها، بل نقول ‏:‏ إن الأسماء لا تغير شيئًا عما كان عليه الإنسان، فكم من إنسان يسمى باسم طيب حسن، وهو ـ أعني المسمى به ـ من أسوأ الناس‏.‏ كم من إنسان يسمى عبدالله وهو من أشد الناس استكبارًا، وكم من إنسان يسمى محمدًا، وهو من أعظم الناس ذمًا، وكم من إنسان يسمى عليًا وهو نازل سافل، فالمهم أن الاسم لا يغير شيئًا، لكن لا شك أن تحسين الاسم من الأمور المطلوبة، كما قال النبي، عليه الصلاة والسلام،‏:‏ ‏(‏أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام‏)‏‏.‏

‏(‏411‏)‏ وسئل جزاهُ الله خيرًا‏:‏ عن مُدّرس يدّرس مذهب أبي حنيفة رحمه الله، ويعلّم تلاميذه الصوفية، والمدائح النبوية فاعترض عليه طالب من الطلبة فقيل‏:‏ إنه وهابيّ، والوهابية لا تُقر المدائح النبوية‏؟‏

فأجاب قائلًا‏:‏ الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‏.‏ وبعد‏.‏‏.‏

فإن هذا السؤال سؤال عظيم اشتمل على مسائل في أصول الدين، ومسائل تاريخية، ومسائل علمية‏.‏

أما المسائل العلمية‏:‏ فإنه ذكر أنه يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة، ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أحد المذاهب الأربعة المتبوعة المشهورة، ولكن ليعلم أن هذه المذاهب الأربعة لا ينحصر الحق فيها بل الحق قد يكون في غيرها، فإن إجماعهم على حكم مسألة من المسائل ليس إجماعًا للأمة، والأئمة أنفسهم رحمهم الله ما جعلهم الله أئمة لعباده إلا حيث كانوا أهلًا للإمامة حيث عرفوا قدر أنفسهم، وعلموا أنه لا طاعة لهم إلا فيما كان موافقًا لطاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، وكانوا يحذرون عن تقليدهم إلا فيما وافق السنة، ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام مالك وغيرهم من أهل العلم أنها قابلة لأن تكون خطأ وصوابًا، فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فإنه لا حرج عليه أن يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة، بشرط إذا تبين له الدليل بخلافه تبع الدليل وتركه، ووضح لطلبته أن هذا هو الحق وأن هذا هو الواجب عليهم‏.‏

أما فيما يتعلق بمسألة الصوفية وغنائهم ومديحهم وضربهم بالدفّ والتغبير التي يضربون الفراش ونحوه بالسوط فما كان أكثر غبارًا فهو أشدّ صدقًا في الطلب وما أشبه ذلك مما يفعلونه، فإن هذا من البدع المحرمة التي يجب عليه أن يقلع عنها، وأن ينهى أصحابه عنها، وذلك لأن خير القرون وهم القرن الذين بُعث فيهم النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يتعبدوا لله بهذا التعبد، ولأن هذا التعبد لا يورث القلب إنابة إلى الله ولا انكسارًا لديه، ولا خشوعًا لديه، وإنما يورث انفعالات نفسية يتأثر بها الإنسان من مثل هذا العمل، كالصراخ وعدم الانضباط والحركة الثائرة وما أشبه ذلك، وكل هذا يدل على أن هذا التعبد باطل وأنه ليس بنافع للعبد وهو دليل واقعي غير الدليل الأثري الذي قال فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين تمسكوا بها، وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة‏)‏ فهذا التعبد من الضلال المبين الذي يجب على العبد أن يقلع عنه، وأن يتوب إلى الله، وأن يرجع إلى ما كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون، فإن هديهم أكمل هدي وطريقهم أحسن طريق قال الله تعالى‏:‏

{‏وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 33‏]‏ ‏.‏

ولا يكون العمل صالحًا إلا بأمرين‏:‏

الإخلاص لله، والموافقة لشريعته التي جاء بها رسوله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأما ما ذكره من مجادلة الطالب له، وقول بعضهم‏:‏ إنه رجل وهابي، وإن الوهابية لا يقرون المدائح النبوية وما إلى ذلك، فإننا نخبره وغيره بأن الوهابية ولله الحمد كانوا من أشد الناس تمسكًا بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ومن أشد الناس تعظيمًا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، واتباعًا لسنته ويدلّك على هذا أنهم كانوا حريصين دائمًا على اتباع سنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، والتقيد بها وإنكار ما خالفها من عقيدة، أو عمل قولي أو فعلي‏.‏

ويدلّك على هذا أيضًا أنهم جعلوا الصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، ركنًا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها فهل بعد هذا من شكٍّ في تعظيمهم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم‏.‏

وهم أيضًا إنما قالوا بأنها ركن من أركان الصلاة لأن ذلك هو مقتضى الدليل عندهم فهم متبعون للدليل معظمون للرسول لا يغلون بالنبي، صلى الله عليه وسلم، في أمر لم يشرعه الله ورسوله، ثم إن حقيقة الأمر أن إنكارهم للمدائح النبوية المشتملة على الغلوّ في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو التعظيم الحقيقي لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو سلوك الأدب مع الله ورسوله حيث لم يقدموا بين يدي الله ورسوله، فلم يغلوا لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهاهم عن ذلك فقال النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينَّكم الشيطان‏)‏‏.‏ ونهى عليه الصلاة والسلام عن الغلو فيه كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم قال، صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا ‏:‏عبدالله ورسوله‏)‏‏.‏ والمهم أن طريق الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأتباعه وهو الإمام المجدد طريقه هو ما كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه لمن تتبعه بعلم وإنصاف‏.‏ وأما من قال بجهل أو بظلم وجور فإنه لا يمكن أن يكون لأقواله منتهى، فإن الجائر أو الجاهل يقول كل ما يمكنه أن يقول من حق وباطل ولا انضباط لقوله، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت، ومن أراد أن يعرف الحق في هذا فليقرأ ما كتبه الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأحفاده، والعلماء من بعده حتى يتبين له الحق، إذا كان منصفًا ومريدًا للحق‏.‏

ثم إن المدائح النبوية المشتملة على الغُلوّ لا شك أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يرضى بها بل إنما جاء بالنهي عنها والتحذير منها، فمن المدائح التي يحرصون عليها ويتغنون بها ما قاله الشاعر‏:‏

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ** سواك عند حلول الحادث العمم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ** ومن علومك عِلْمُ اللّوح والقلـم

وأشباه ذلك مما هو معلوم، ومثل هذا بلا شك كفر بالرسول، صلى الله عليه وسلم، وإشراك بالله عزوجل، فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بشر لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله عز وجل، والدنيا وضرتها وهي الآخرة ليست من جود رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بل هي من خلق الله عز وجل فهو الذي خلق الدنيا والآخرة وهو الذي جاد فيهما بما جاد على عباده سبحانه وتعالى، وكذلك علم اللوح والقلم ليس من علوم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن علم اللوح والقلم إلى الله عز وجل ولا يعلم منه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا ما أطلعه الله عليه هذا هو حقيقة الأمر، وهذا وأمثاله هي المدائح التي يتغنى بها هؤلاء الذين يدّعون أنهم معظمون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن العجائب أن هؤلاء المغالين يدعون أنهم معظمون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، تجدهم معظمين له كما زعموا في مثل هذه الأمور وهم في كثير من سننه فاترون معرضون والعياذ بالله‏.‏

فأنصح القائل وغيره بأن يعود إلى الله عز وجل وأن لا يطري رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما أطرى النصارى عيسى ابن مريم وأن يعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بشر يمتاز عن غيره بالوحي الذي أوحاه الله إليه، وما خصه الله به من المناقب الحميدة، والأخلاق العالية، ولكن ليس له من التصرف في الكون شيء، وإنما التصرف في الكون والذي يُدعى ويُرجى ويُؤلّه هو الله عز وجل وحده لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون‏.‏

محمد بن صالح العثيمين

المناهي اللفظية

مجموع فتاوى و رسائل - 3

‏(‏412‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عما يقوله بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم ـ من جهة سلامة العقيدة ـ أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ما دام المعنى مفهومًا وسليمًا‏.‏

أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان‏:‏ أطلق لسانك في قول كل شيء ما دامت النية صحيحة بل نقول ‏:‏ الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية‏.‏

‏(‏413‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن هذه الأسماء وهي‏:‏ أبرار ـ ملاك ـ إيمان ـ جبريل ـ جنى‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ لا يتسمى بأسماء أبرار، وملاك، وإيمان، وجبريل أما جنى‏(‏ ‏[‏1‏]‏‏)‏ فلا أدري معناها‏.‏

‏(‏414‏)‏ سئل فضيلته‏:‏ عن صحة هذه العبارة ‏(‏اجعل بينك وبين الله صلة، واجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة‏)‏‏؟‏

فأجاب قائلًا‏:‏ الذي يقول‏:‏ اجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له واجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة أي باتباعه فهذا حق‏.‏

أما إذا أراد بقوله‏:‏ اجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة أي اجعله هو ملجأك عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن الملة‏.‏

‏(‏415‏)‏ سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن هذا القول ‏:‏ ‏"‏أحبائي في رسول الله‏"‏‏؟‏

فأجاب فضيلته قائلًا‏:‏ هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحًا، يعني‏:‏ اجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة، فإن الحديث ‏(‏من أحب في الله، وأبغض في الله‏)‏، فالذي ينبغي أن يقول‏:‏ أحبائي في الله - عز وجل - ولأن هذا القول الذي يقوله فيه عدول عما كان يقوله السلف، ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والغفلة عن الله، والمعروف عن علمائنا وعن أهل الخير هو أن يقول‏:‏ أحبك في الله‏.‏